للتواصل معنا

بقلم إيف ماسينغام، اللجنة الدولية، وتوبياس إيهريت، الصليب الأحمر النرويجي


تقاطع زوبي، مقديشو، الصومال. موقع انفجار حدث في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2022. ارتفعت وتيرة الهجمات التي ضربت مقديشو العام الفائت – الأرشيف السمعي البصري للّجنة الدولية.

تنتقل النزاعات المسلحة الممتدة يومًا بعد يوم إلى المدن وتتخذها ساحة لها، ويرجع ذلك في معظمه إلى معدل اتساع المناطق الحضرية في العالم؛ فمن المتوقع أن يشكل قاطنو المناطق الحضرية قرابة 70 بالمائة من سكان العالم بحلول عام 2050، وفقًا للأمم المتحدة. ويبين لنا التاريخ القريب أن النزاعات المسلحة في المناطق الحضرية تتسبب في سقوط أعداد كبيرة من القتلى في صفوف المدنيين، وإلحاق معاناة جسدية ونفسية شديدة بالسكان لأمد طويل، وتدمير منازل المدنيين والبنى التحتية المدنية الحيوية على نطاق واسع. ناهيك عن أن تعطل الخدمات الأساسية – مرافق الرعاية الصحية، وشبكات المياه والكهرباء والإمدادات الغذائية، وشبكات الصرف الصحي ومعالجة النفايات الصلبة، والمؤسسات التعليمية – يوقع خسائر بشرية فادحة

نبعت الحركة من الرغبة في إغاثة الجرحى في ميدان القتال دون تمييز، ونمتلك في هذا الصدد مجموعة فريدة من القدرات، ونلعب دورًا أناطه بنا القانون الدولي الإنساني، ويوجب علينا الوصول إلى الأشخاص المتضررين والمجتمعات المتضررة من الحرب، بما في ذلك حروب المدن، وحمايتها هذه الفئات ومساعدتها. لكن حدة حروب المدن كثيرًا ما تحبط جهودنا، بسبب القيود التي تفرضها أطراف النزاعات لعرقلة الوصول إلى المناطق المتضررة، وتدمير البنى التحتية الأساسية التي تعتمد عليها خدماتنا، والأفعال المؤسفة التي تهدد حياة موظفينا وتودي بحياتهم في أحيان كثيرة.

اعتمدت الحركة في مجلس المندوبين لعام 2022 القرار 6 – “الحروب في المدن” (CD/22/R6) إعرابًا عن قلقها البالغ إزاء التداعيات الإنسانية للحرب في المدن التي يقف موظفو الحركة ومتطوعوها شاهدًا عليها. وقد اعترف القرار بأن الحروب في المناطق الحضرية، وإن لم تكن ظاهرة جديدة أو تجلب تداعيات إنسانية فريدة من نوعها، تسببت في قدر من المعاناة والدمار يستحق مزيدًا من الاهتمام. ويستدعي الأمر تعامل السلطات والقوات المسلحة والجهات الفاعلة الإنسانية مع هذا النوع من الحروب وفق نُهج جديدة.

وجرى الاتفاق على خطة عمل توجيهية للحركة، تستمر حتى عام 2027 وترمي إلى التصدي للآثار الإنسانية الناجمة عن الحروب في المدن والتخفيف من حدتها. وتستعين الحركة بخطة العمل في جهودها لتوثيق الآثار الإنسانية للحروب في المدن بدقة شديدة؛ وتعزيز استجابتها الميدانية؛ والتوعية بالتداعيات الإنسانية المدمرة للحروب في المناطق الحضرية؛ والتأثير على الدول وأطراف النزاع، بواسطة الدبلوماسية الإنسانية، من أجل تعزيز أطرها القانونية والسياساتية وتغيير طريقة سير النزاعات في المناطق الحضرية. وقد تشكل فريق مرجعي للحركة في أوائل عام 2023، مهمته تنسيق تنفيذ خطة العمل، وتبادل أحدث المعلومات والخبرات الميدانية؛ وتتولى اللجنة الدولية قيادة الفريق الذي يضم في عضويته الآن 41 جمعية وطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر. 

وتبُذل مساعٍ لتنفيذ أنشطة نوعية في إطار خطة العمل، إما بصفة جماعية ضمن فرق عاملة مصغرة، أو من خلال جمعيات وطنية تعمل بمفردها. وبدأ عدد من الأنشطة المختلفة في الأشهر الستة الأخيرة، فقد نظّم الفريق المرجعي جلسات لتبادل المعلومات – منها ما يتعلق مثلاً باستخدام البيانات المفتوحة المصدر في تحليل العمل الإنساني – إلى جانب عمله على إصدار منشورات قانونية عن مواضيع إنسانية ذات صلة بالحروب في المدن، ووضع اللمسات النهائية على دورة تدريبية إلكترونية عن الحروب في المدن لإتاحتها في وقت قريب على منصة التعلم التابعة للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (الاتحاد الدولي). نظّمت كذلك عدة جمعيات وطنية حلقات دراسية ومعارض صور وندوات موضوعها “الحروب في المدن” لتوعية الجمهور بالمسائل الإنسانية التي تشغل الحركة في هذا الشأن.  

ويعكف الهلال الأحمر العربي السوري واللجنة الدولية على إعداد إرشادات لحشد القدرات الضرورية لتنفيذ الأنشطة الإنسانية في النزاعات التي تندلع في مناطق حضرية، اعتمادًا على الخبرة الميدانية المكتسبة من خلال الشراكة بين الطرفين في سورية. ويجري أيضًا تنفيذ مبادرات متنوعة تتعلق بتأمين مسارات آمنة لوصول الأنشطة الإنسانية إلى المناطق الحضرية التي تشهد نزاعات؛ فعلى سبيل المثال، يدرس الصليب الأحمر النرويجي كيفية تحسين مستوى حماية مقدمي الخدمات الأساسية – الذين يتولون تشغيل البنى التحتية الحيوية أو صيانتها أو إصلاحها. وكان استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان أحد الموضوعات البارزة في المناقشات ذات الصلة بجهود الدبلوماسية الإنسانية التي يضطلع بها الفريق المرجعي؛ فقد استضاف الصليب الأحمر البرتغالي اجتماعًا إقليميًا حول هذا الموضوع، شارك فيه مستشارون قانونيون من جمعيات وطنية أوروبية.

وأجرت الحركة سلسلة من المشاورات على مدى السنوات القليلة الماضية سعيًا إلى تحديد بعض التدابير التي يمكن للدول اتخاذها لمواجهة التحديات الإنسانية التي تنجم عن الحروب في المدن. ومثال على ذلك:

  1. وضع حماية المدنيين ضمن الأولويات الاستراتيجية في أثناء التخطيط للعمليات العسكرية وتنفيذها
  1. ضمان الامتثال الوثيق للقانون الإنساني المعمول به
  1. مراجعة العقائد العسكرية وأساليب التدريب والتخطيط والتكتيكات واختيار الأسلحة المرتبطة بالحروب في المدن
  1. تجنب استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان
  1. مساعدة حلفاء أطراف النزاع وشركائهم على تقييد الدعم الذي يقدمونه بإطار يضمن المساعدة على توفير حماية عالية للمدنيين والأعيان المدنية.

لا تتحرك الحركة في أعمالها من فراغ؛ فالعمليات العالمية، ومن بينها اعتماد 83 دولة لإعلان دبلن لعام 2022 – “تعزيز حماية المدنيين من العواقب الإنسانية الناتجة عن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان” – والاجتماعات الاستثنائية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الحروب في المدن لهي دليل على وعي المجتمع الدولي بضرورة بذل مزيد من الجهود لحماية المدنيين من القتال الدائر في المناطق الحضرية.

وتتطلع الحركة إلى العمل مع الدول في العام المقبل بما يكفل أن يكون المؤتمر الدولي الرابع والثلاثين الذي سينعقد في تشرين الأول/أكتوبر 2024 منبرًا لفهم التحديات الناجمة عن حروب المدن فهمًا كاملاً والاعتراف بها، ولا يقل عن ذلك أهميةً اقتراح تدابير عملية واعتمادها وتنفيذها في السنوات القادمة، ليتسنى لنا وضع حد للدمار الواسع والمعاناة الشديدة اللذين تخلفهما الحروب في المدن.

لقراءة المزيد عن هذا الموضوع

Council of Delegates War in Cities Resolution and MAP_22-June-2022_FINAL_AR.pdf

الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة النطاق: اختيارٌ مميتٌ في المناطق المأهولة بالسكان | اللجنة الدولية للصليب الأحمر

الحد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين بسبب حروب المدن: دليل للقادة | اللجنة الدولية للصليب الأحمر

الحد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين بسبب حروب المدن: دليل للجماعات المسلحة | اللجنة الدولية للصليب الأحمر

الحروب في المدن: منع التداعيات الإنسانية الواقعة على المدنيين والتصدي لها | اللجنة الدولية للصليب الأحمر

طفولة وسط الأنقاض: العواقب الإنسانية لحروب المدن على الأطفال | اللجنة الدولية للصليب الأحمر

Towards More Effective Humanitarian Operations in Urban Areas of Protracted Armed Conflicts | International Committee of the Red Cross

تضافر القوى  لمكافحة الأزمات الطويلة الأمد (اللجنة الدولية والبنك الدولي واليونيسف)

رأيت مدينتي تحتضر: أصوات من خطوط المواجهة في نزاعات داخل المدن في العراق، وسورية، واليمن | اللجنة الدولية للصليب الأحمر

Urban warfare Archives – Humanitarian Law & Policy Blog (icrc.org)

The International Committee of the Red Cross, the International Federation of Red Cross and Red Crescent Societies, and the Standing Commission of the Red Cross and Red Crescent, in its function as Trustee of the International Conference of the Red Cross and Red Crescent (the Conference), cannot be held responsible or liable in any manner for any user-generated content or posts on this Database. In the event that the Website team considers any post or content to be incompatible with the Fundamental Principles of the International Red Cross and Red Crescent Movement and/or with the objectives of the Conference, it reserves the right to remove such content.